المقدمة:
لا نرى أن القارئ العربي وحتى كثير من غير العرب لا يدرك الإمكانات الزراعية الهائلة التي يتمتع بها السودان تربة ومياه ومساحة وإمكانات بشرية لا تنقصها المعرفة الزراعية الحديثة والخبرة الطويلة الموروثة عبر التاريخ حيث يقال أن الزراعة بدأت على ضفتي نهر النيل ثم انتقلت إلى بقية أنهار العالم. وبداية الزراعة كانت آذاناً لبدء الحضارة البشرية التي لا يختلف اثنان في أن كلمة حضارة (Culture) هي مؤخرة كلمة زراعة (Agriculture) كناية عن أن بداية الزراعة هي بداية الحضارة البشرية لأنها أدت إلى استقرار الإنسان في مكان واحد يزرع فيه غذاءه ويتحصل منه على كسائه ومن مواده يبني مأواً له بدلاً من العيش هائماً على وجهه بحثاً عن غذائه في صيد أو في غابة يقتات من ثمارها ويستظل بأشجارها حينما يدركه التعب وكان منزله هو أول كهف يلقاه حينما يغشاه النعاس، وقلما ينام في المكان الواحد أكثر من مرة واحدة، فأنّا له الوقت للتفكير والإبداع والابتكار ليطور حياته؟ الأمر الذي تيسر له مع الاستقرار الذي وفره له اكتشاف الزراعة فأصبح لديه الوقت الكافي للتفكير والإبداع والابتكار مما طور حياته وقدمها تدريجياً حتى وصلت الحضارة البشرية إلى ما وصلت إليه الآن.
ولكن ّالسؤال الذي يتبادر إلى أذهان كل الذين يعرفون الإمكانات الزراعية الهائلة في السودان؛