1- خلفية
بدأت مشكلة الجنوب والمطالبة بوضع منفصل أو شبه منفصل قبل حوالي الخمسين عاماً، أي مباشرة عقب خروج المستعمر والذي زرع بذرة الإنفصال بإتباعه سياسة فرق تسُد حيث ظل الجنوب وحتى عام 1947م يُدار بمعزل عن الشمال، وبعد ذلك التأريخ تم السماح للجنوبيين بحضور إجتماعات الحاكم. وتتحمل كل الأنظمة السياسية الوطنية التي تعاقبت على حكم السودان منذ العام 1955م بنسب متفاوتة المسئولية التأريخية لإنفصال الجنوب (إذا حدث) سواءاً كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. فقد قرر مؤتمر القضايا المصيرية الذي إنعقد في أسمرا عام 1995م والذي شاركت فيه كل القوى السياسية منح الجنوب حق تقرير المصير[1]. وبعد بدء المفاوضات في مشاكوس تم إقرار مبدأ دولة واحدة بنظامين (سياسي وفكري واقتصادي) ونتج عن ذلك تكوين حكومة ذات أغلبية كاسحة من الحركة الشعبية لحكم الجنوب. ثم جرت الإنتخابات لتبدأ المرحلة النهائية للوصول للانفصال وقيام الدولة الجنوبية (عبد الرحيم حمدي 2010م). وحيث أن البلاد على بعد أيام معدودات من إستفتاء تقرير مصير جنوب السودان، وكل الدلائل والمؤشرات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي تؤكد حتمية وقوع الإنفصال، فإن منطق العقل يدعونا الى التخطيط السليم لمرحلة ما بعد الإنفصال
2- مبررات إعداد الورقة:
كان السودان وحتى العام 1998م (أي قبل ظهور البترول) يعتمد إعتماداً كبيراً على القطاع الزراعي في توفير الغذاء والعملات الأجنبية من عائد صادراته لمقابلة الإحتياجات السلعية والرأسمالية حيث كانت الصادرات الزراعية تشكل 90% من إجمالي صادرات البلاد. ولكن بإكتشاف البترول ودخوله في الصادر تغيرت هذه الخارطة تماماً، فبدأت الأهمية النسبية للصادرات غير البترولية (الزراعية أساساً) منذ العام 1998م في الإنحسار لتصل إلى أقل من 5% في العام 2008م...