النيل

الغذاءُ...وَقُودُ الحيَاة، عَلِّمْنِي كيْفَ أُنْتِجْه..

التَّفَكُّرْ عبادةُ ساميةُ رفيعة، حث عليها سلفنا الصالح عليهم رضوان الله تعالى بعضهم بعضاً، ودعوا إليها "تَعَالوْا بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَة"، ليزداد إيمانهم ويقينهم بخالقهم، ذلك أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم رغب فيها "تفكروا في مخلوقات الله ولا تتفكروا في ذاته فتهلكوا"، إذن فميدان هذه العبادة هي النظر والتفكر في خلق الله بغاية زيادة العلم الذي يدعو إلى الإيمان. وهذا الخلق رفع الله شأنه وأعظمه: "هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين " (لقمان:11)، " الذي احسن كل شيء خلقه وبدا خلق الانسان من طين" (السجدة:7)، " الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل " (الزمر:62)، " الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " (الملك:14)، " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينه ويخلق ما لا تعلمون " (النحل:8)، " ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره الا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين" (الأعراف: 54).

والخلق كما أخبرت الآيات الكريمة عظيمٌ وواسعٌ مداه، من لدن مايصغر عن الذرة " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " (الزلزلة: 7) وحتى أعظم الخلق وأرفعه: السماوات والأرض " لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون " (غافر: 57). والسماء لغــةً: كل ما علا وارتفع عنك، فيدخل فيها مكونات وعناصر الكون المرئ بأجرامه المختلفة. والكون تتوسع أقطاره باستمرار بمعدل 19 كلم/الثانية، القرءان أخبر بهذه الحقيقة منذ قرون " والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون " (الذاريات:47).

وعناصر الكون المرئ عديدةُ متنوعة، فمنها على سبيل المثال: الكواكب، الكويكبات، النجوم، المجرات، الشهب، النيازك، المذنبات، الأقمار(التوابع)، ...إلخ، وكل من هذه المكونات له تعريفه ونظامه المحدد الدقيق المحكم الذي يسير عليه. فالتوابع(الأقمار) تتبع الكواكب وتدور حولها، وهذه تتبع النجوم والتي تكون أجساماً هائلة تعرف بالمجرات التي تتكون من الملايين من النجوم، وأشهر هذه المجرات "درب التبانة" التي يتبع لها نجمنا "الشمس". وفي النظام النجمي، نجد أجراماً أخرى كالكويكبات، الشهب والنيازك تعمل وفق النظام النجمي ولا تتخلف عنه.

ولبيان اتساع رقعة الكون وعظمها، نتناول سريعاً بالحديث طريقة قياس المسافات التي تفصل بين المكونات المختلفة للكون، فالمسافة بين الأجرام الكونية يتم قياسها بوحدة "السنة الضوئية"، والتي يمكن تعريفها كالتالي "هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة (بالحسابات الأرضية)". فإذا علــم أن الضوء يقطع في الثانية الواحدة300 ألف كيلومتر، فلك أن تحسب كم تعادل الوحدة من السنة الضوئية. والمسافة بين هذه الأجرام مقاسة بهذه الوحدة المعينة قد تصل في بعض الأحيان إلى الملايين من السنوات الضوئية!!، مما يقطع باتساع وعظم أقطار الكون.

وهذه الجزئية، عبر عنها القرءان الكريم على وجه الإعجاز، حين خاطب الثقلين وقدم الجن باعتبارهم ذوو قوةٍ هائلة مقارنةً بالإنس، طالباً منهما الخروج من أقطار السماوات والأرض " يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السماوات والارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان " (الرحمن: 33)، والسلطان هنا يقصد به العلم بارتياد الفضاء وتطوير وتوسع علومه وإمكاناته المتاحة للبشر، ولكن يبقى الإعجاز قائماً لما سنتناوله من مسألة الزمن.

الزمن الكوني يختلف باختلاف الجرم المحدد وموقعه في منظومته التي تضمه، ففي النظام الشمسي يمكننا تعريف بعض وحدات الزمن كالتالي: اليــوم "هو الزمن الذي يستغرقه الجرم السماوي-داخل المجموعة الشمسية- ليدور دورةً واحدةً كاملةً حول محوره" ، السنــة "هي الفترة من الزمن التي يستغرقها الجرم السماوي-داخل المجموعة الشمسية-ليدور دورةً واحدةً كاملةً حول الشمس" (يقصد بالزمن هنا: الزمن الأرضي). ومن المعروف فكواكب المجموعة الشمسية تنتظم في مداراتٍ إهليجية حول الشمس، وبالتالي تختلف أبعادها عن الشمس، وتختلف بداهةً سنينها. فالكواكب الداخلة مثلاً (الكواكب التي هي أقرب من الأرض إلى الشمس) تعادل السنة فيها بضعة أيام!! (يزداد عمر الإنسان كلما أرتاد هذه الكواكب)، بينما في الكواكب الخارجة (الكواكب التي هي أبعد من الأرض إلى الشمس) فإن السنة الواحدة تعادل مئات السنين الأرضية (يقل عمر الإنسان كلما أرتاد هذه الكواكب). ومتوسط عمر الإنسان ما بين الستين والسبعين، مما يعني عجزه عن القيام بالخروج من مجموعته الشمسية، دعك من النفاذ من أقطار السموات، فيبقى الإعجاز قائماً.

وكواكب المجموعة الشمسية تختلف كذلك محاورها التي تدور حولها، فتختلف تبعاً لذلك أنظمتها الجوية والزمانية، مما يعني أن تكونا أقل استقراراً في كلا الكواكب الداخلة والخارجة. مما يؤكد أن "الأرض" هي الكوكب الأنسب لحياة البشر، وقد أخبر القرآن عن هذه الحقيقة "والارض وضعها للانام " (الرحمن: 10)، فلا تجدي محاولات إيجاد بديلٍ مناسبٍ لحياة الإنسان في غير الأرض (كوكب المريخ)، ولا تعدو جهود الإنسان في هذا الجانب أن تكون مجرد استكشاف لا تُسْفِرُ عن بديلٍ مناسبٍ لحياة البشر في غير الأرض.

نختم بالقول، أن كثيراً من العلوم الفلكية وغيرها من العلوم الحياتية الأخرى، تناولها القرءان وأخبر عنها بلغته وطريقته الخاصة، فالقرءان الكريم ليس كتاب علومٍ أو فلسفةٍ أو آداب!، بل هو كتابُ هدايةٍ ربانيةٍ معجزٍ في المقام الأول، حوى وجمع علوم الأولين والآخرين "وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الى ربهم يحشرون" (الأنعام: 38).

المصدر: م.زراعي/عمار حسن بشير عبدالله وزارة الزراعة-السودان
elneel

ahbab

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 2485 مشاهدة
نشرت فى 15 ديسمبر 2010 بواسطة elneel

النيل

elneel
(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ *) ahbab6996@ hotmail.com »

درر النيل:

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,035,622