نظمت دائرة الشؤون الاقتصادية والمالية بمجمع الفقه الإسلامي التابع لرئاسة الجمهورية، في مستهل أنشطة دوائر المجمع المتخصصة، ندوةً علميةً بعنوان: "الضوابط والأولويات الشرعية المؤثرة في إعداد الموازنة السنوية"، استضافت الندوة البروفيسور أحمد المجذوب أحمد والاستاذ عبدالرحيم محمود حمدي كمقدمين لورقتي الندوة، وعقب على الأوراق، الدكتور تاج السر مصطفى والأستاذ الزبير احمد الحسن، كما استمعت الندوة لمداخلات السادة الحضور الذين علقوا وطرحوا الاسئلة حول موضوع الندوة.<!--?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /-->
شرف الندوة بالحضور البروفيسور عصام أحمد البشير رئيس مجمع الفقه الإسلامي والعديد من شيوخ المجمع قادة الدوائر المتخصصة، افتتحت الندوة بالقرءان الكريم تلاه الشيخ: عبدالفتاح محمود بن عوف، افتتح البرنامج بكلمةٍ للبروفيسور عصام أحمد البشير حيث أشار إلى أن الندوة تأتي في إطار استهلالية أنشطة الدوائر المتخصصة بالمجمع، وأن الأولى أن تقدم قبل إعداد الموازنة العامة للدولة لتكون هاديةً لها وموجهةً ومصوبةً للمسار.
قدم الورقة الأولى بروفيسور أحمد المجذوب أحمد، حيث تناول بالعرض والإسناد لآراء مفكري الاقتصاد من العصر الإسلامي الأول، حيث تناولت ورقته وظيفة الدولة في الاسلام قبل حديثه عن الضوابط والأولويات، لأن وظيفة الدولة هي التي تحدد طبيعة الواجبات التي تقوم بها الدولة. حيث أجمع الفقهاء على أن مهام الحاكم تتمثل في "حراسة الدين وسياسة الدنيا"، كما تناول المدرستين الليبرالية والإشتراكية، وتحدث عن الدولة الحارسة والمشاركة وظهور دولة الرفاهية. تناول المجذوب المصادر المحددة لوظائف الدولة وواجباتها فيما يلي:
· الدستور (المرجعيات الدينية)،
· القوانين المنظمة للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية،
· المؤسسات المعبرة عن الدولة (الاجهزة التنفيذية)،
· محددات وأهداف التنمية للألفية الثالثة الــ MDGs.
كما أكدت ورقته ألا سبيل لتحقيق المقاصد والغايات إلا بقيام الخلافة الإسلامية المتمثلة في الرؤساء، الولاة والأمراء. وأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمانٍ ومكان. وحددت ورقة المجذوب مصادر تمويل الدولة في الآتي:
§ الزكاة والعشر،
§ الجزية والخراج والفئ،
§ خمس الغنائم.
وحدد النفقات الرئيسية للدولة في الأوجه الآتية:
v النفقات العسكرية،
v نفقات مصالح المسلمين (الجهاز القضائي، التعليم، الصحة،...إلخ)،
v نفقات ذوو الحاجات كــ (الفقراء، المساكين)،
v نفقات ذوو قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الورقة الثانية التي قدمها الأستاذ عبدالرحيم حمدي، عمد إلى إسقاط المعاني الواردة في الورقة الأولى للمجذوب على الواقع السوداني المعاصر، حيث ذكر أنه يفضل بدءاً استخدام لفظ "المبادئ" على "الضوابط" ذلك أن استخدام الأخيرة محله الدواوين الحكومية بواسطة العاملين في الخدمة العامة. ركز حمدي على المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها الفكر المالي في الإسلام وذكر منها:
الدولة هي الدولة المشاركة وليست دولة الرفاهية،
التركيز على الفرد ثم المجتمع والدولة مجرد وسيط بينهما في الفكر الإسلامي،
سمة الإقتصاد الإسلامي هي الإنفاق،
مبدأ تخصيص الأموال (الزكاة)،
مبدأ تحديد أسبقيات الصرف بحسب ابن تيمية كالآتي: "الأمن – قادة النظام الإداري للدولة – الأثمان والأجور والمرتبات – البنية التحتية كالطرق – المستحقيين من ذوي الحاجات". وذكر حمدي أن البنية التحتية من واجبات الدولة، بينما التنمية هي شأنٌ مجتمعيٌ بمساعدة الدولة.
الدولة تصرف حسب حاجيات الافراد، وليس بقدر ما عندها من ميزانيات. وذكر حمدي أن سياساتنا المتبعة في السودان بواسطة البنك المركزي تمنع أهم روافع الفقراء ووسائل دعمهم مثل القرض الحسن والمضاربة كأدواتٍ لتمويل الفقراء تمنعان رسمياً،
عدم ربط الإنفاق بالمقدرة على جمع المال، بل على مبدأ الحاجة.
وتسآل حمدي في خاتمة ورقته، هل هذه المبادئ مطبقة عندنا في السودان؟ أجاب بلا. نحن نتبع سياسة التقشف في الإنفاق وهذا يتعارض مع أهم سمات الاقتصاد في الإسلام، ونمنع الثروة من المجتمع، والمجتمع هو الذي يخلق الثروة الحقيقية. ورد حمدي على تعقيبٍ لأحد الحضور "كيف نستند في فقهنا للاقتصاد على فقهاء ميتين؟" قائلاً:"هؤلاء الفقهاء شادوا دولة إسلاميةً راشدةً قوية البنى الاقتصادية بذات آرائهم التي عرضنا، نحن الذين أخفقنا بكل وضوحٍ في إدارة الاقتصاد في السودان. كيف نترك أمر الإقتصاد لموظفين في المالية والبنك المركزي؟؟!!".
وختم مدير الندوة، بملامح من الميزانية السنوية 2013م:
o 25 مليار جنيه سوداني، 6 منها عبارة عن دعمٍ يذهب للجميع ولا يخص به الفقراء!!،
o اعتماد الموازنة على الضرائب غير المباشرة (الجمارك) بنسبة 80%، بينما تمثل الضرائب المباشرة 20% فقط.