<!--
الموارد(1) الطبيعية بشقيها ثروةً طبيعيةً ذات قيمةٍ إقتصاديةٍ عالية، يعود استثمارها علي الفرد والمجتمع بالخير الوفير، إذا ما استغلت استغلالاً أمثلاً يراعي فيه الحماية والتنمية من أجل استدامتها لتدفق خيراتها. ويعتبر الصراع على الموارد الطبيعية من أهم التحديات التي تواجه عالم اليوم بصفة عامة والدول النامية بصفة خاصة لا سيما الأفريقية، في ظل تنامي السكان مصحوباً بتناقص هذه الموارد وتنامي الطلب عليها لمواجهة متطلبات البقاء في عالم صارت تحكمه الصراعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. مما أدى لاستنزاف هذه الموارد الشيء الذي يمثل خطراً على إتاحتها. والـنزاع على الثروة في عالم اليوم، تمثل الموارد بؤرته وحجر الزاوية فيه، والمؤجج والمشعل لفتيل جذوته، فالنزاعات المحلية والإقليمية والعالمية تأخذ طابع المنافسة على الاستحواذ على مصادر(2) الموارد وتسخيرها.
والثروة هي أبرز ما تمتلك الشعوب من معايير القوة والعزة والسؤدد، والموارد الطبيعية هي عماد هذه الثروات وركيزتها الأقوى. فباستكشاف مصادرها والعمل على حسن استغلالها وإدارتها بصورة كفؤة وكاملة، نرتقي في سلم الرفاهية بما نملكه ونديره من مفاتح الثروات وعيونها وركائزها. ولما كانت بعض الدول – وكما حفظت ذلك كثيرٌ من التجارب العالمية- تنفصل بعض أجزائها وتصبح ذات سيادة واستقلال، مما يستتبع معه تغيرٌ كبيرٌ في ما تمتلكه وتحوزه من الأرض والتي تعتبر بمثابة الأم الحاضنة للموارد. هذا يستوجب إعادة قراءة وترتيب لأوضاع مواردنا، ومعرفة التغيرات الطارئة عليها من حيث أصلها وتوزيعها وإحصاءها ووضع بيانات جديدة تعكس واقعها الجديد، ليتسنى لنا القدرة الحقيقية لتخطيط وإدارة هذه الموارد بصورة واقعية وعلى أساس جديد مبني على ما نملكه لا على ما نتداوله من مآلات واقعنا القديم.
وأغلب هذه الموارد طبيعية في أصلها، نستخدمها من خلال أنشطتنا لنحولها إلى موارد مصنعة نستفيد منها في شتى ضروب حياتنا. وفي السودان، وبحسبان أننا ضمن منظومة الدول ذات الاقتصاديات المعتمدة على الزراعة بصورة رئيسة، تبقى الحاجة ماسة لنعيد وندرس ونراجع ما نملكه من مفاتح الثروات الطبيعية، ليكون تخطيطنا لاقتصادنا الزراعي قائماً على أسس حقيقية وبيانات واقعية ومدروسة، لا مجرد أرقام منثورة غير صحيحة.
هذه الورقة، ترمي بثقلها في هذا المجال. إذ نتطلع من خلالها إلى إعادة قراءة مواردنا الطبيعية بعد انفصال الجنوب وأيلولته ليكون دولةً مستقلةً بذاتها، ونعلم أن هذا هو نهج دولتنا اليوم وديدنها في كافة مرافقها، إذ نعمل جميعنا وبكل جد واجتهاد على توفير المعلومة المنقحة في مختلف ضروب الموارد الطبيعية في السودان، كموارد الأرض (الغابات،المراعي،الأرض الصالحة للزراعة، المسطحات المائية، الثروات الحيوانية، المحميات البرية، المعادن والبترول،...إلخ) والمورد البشري الذي يقود النهضة ويضع أسسها، مستخدماً ما أتيح له من موارد الطبيعة ليشيد ويصنع صروحاً للحضارة راسخة، ويغرس ويعمق جذوراً لها في العمق ضاربة، فإلى أضابير هذه الورقة... ننتظر إضافاتكم لإثرائها...